ولقد جاء إبليس إليهما من وراء هذه الأمور ، وهو الخلد .
{ فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى 120} .
كان نعيم الجنة نعيما هادئا آمنا ، ولكن لم يذكر أنه خالد ، ومن كان في عيشة راضية تمنى أن تكون باقية ، فجاء إبليس من ناحية هذه الأمنية ، وقال لآدم:هل أدلك على شجرة الخلد ، وملك لا يبلى ، وسوس إليهما بقول خفي يشبه وسوسة الذهب{[1495]} ، وأثار التمني في نفسه بقوله:{ هل أدلك على شجرة الخلد} الاستفهام هنا للتنبيه أي أن هذه الشجرة التي نهي عن الأكل منها هي شجرة الخلد من أكل منها نال الخلود والبقاء والسلطان والسيطرة ، وهذا هو المعنى المذكور في آية أخرى ، إذ قال الله تعالى عنه:{. . . ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين 20} ( الأعراف ) ، وما زال بهما يغريهما بالأكل حتى أكلا ، ولقد قال تعالى:{ وقاسمها إني لكما لمن الناصحين 21 فدلاّهما بغرور . . . 22} ( الأعراف ) فكان التدلي بالغرور أن أكلا منها ، وكانت العاقبة ليست الحسنى ، ولذا قال تعالى:
{ فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى 121} .