ويظهر أنه كان الخلاف مستحكما ولكن أخفوه ، ولذا قالوا .
{ فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى 64} . الفاء للسببية ، أي بسبب أنهم أرادوا بسحرهم أن يخرجاكم من أرضكم ، ويذهبا بطريقتكم المثلى ، وهو أمر جامع متفق عليه ، فأجمعوا كيدكم أي اعتزموه ، وأقدموا مجتمعين غير متفرقين ، وائتوا إلى موسى صفا لا خلل فيه ولا افتراق ولا تنازع ، واتفقوا على أمور ثلاثة:
أولها:إجماع كيدهم ، وهو تدبيرهم ، ادخلوا الحومة مجمعين على تدبير واحد غير متفرقين فإن الإجماع وحده قوة ، والفرقة ضعف وعجز ، ولا تنازعوا فتفشلوا .
وثانيها:أن يأتوا موسى صفا واحدا لا ثلمة فيه ولا افتراق ، فإن ذلك يزرع في نفسه الهيبة منكم ، قالوا ذلك وكأنهم مقدمون على ميدان قتال .
والأمر الثالث:أنهم اتفقوا راغبين في الاستعلاء وأخذ الأجر من فرعون والاستعلاء بعزته الفرعونية وكبريائه الغاشمة ، ولذا قالوا:{ وقد أفلح اليوم من استعلى} ، أي فاز برضا فرعون من استعلى على خصمه ، والسين والتاء للطلب ، أي طلب العلو فعلا ، وهذا حث على أن يشمروا عن ساعد الجد ليفوزوا برضا فرعون ، ويستعملوا عنده باستعلائهم بالانتصار في هذا الميدان السحري