الضمير في{ يأته} يعود إلى ربه ، ويتضمن معنى الإقرار بالربوبية ، والخلق وإنشاء الإنسان ، وفي ذلك رد فرعون واستهانة به ، وهو الذي كان يقول أنا ربك الأعلى . و{ مؤمنا} أي مذعنا خاضعا للحق مستقيم النفس والعمل ، ولذا قال من بعد{ قد علم الصالحات} ، والصالحات الأعمال الصالحة التي تنشر العدل والحق وتقيم النفع وتدفع الفساد في الأرض ، وتحفظ للإنسان كرامته ، وتدفع عنه المهانة وتسوي بينه وبين الناس ، وقد ذكر سبحانه وتعالى جزاءهم فقال:{ فأولئك لهم الدرجات العلى} "الفاء"في جواب الشرط ، والإشارة إلى هؤلاء متصفين بالإيمان والصلاح ، والقصد إلى الأعمال الصالحة النافعة غير المفسدة ،{ لهم الدرجات} ، وهي الارتقاء في السمو والارتفاع ، و{ العلى} جمع "عُلْيا"وهي مؤنث "أعلى"، أي الدرجات المرتفعة التي ما فوقها ارتفاع ، فلا يرفع المؤمنين أن يرضى عنهم فرعون ، وهو بشر دونهم ، لأنهم أطهار وهو مجرم آثم ظالم غشيه الشر وأرداه ، فلعنه الله ومن يتشبه به وإن كانوا دونه قوة واقتدارا ، ولكنها الغطرسة الحمقاء .
وقد بين سبحانه هذه الدرجات العلى ، فقال سبحانه:{ جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكي 76} .