نادوا نداء الحسرة ، وأشد الحسرة تكون عند الإحساس بالباطل عندما يكون العقاب عليه ولا يكون مناص منه ، ينادون{ يا ويلنا} أي يا هلاكنا الذي كتب علينا أقبلْ فهذا وقتك ، ومعنى نداءهم بهلاكهم الذي استحقوه هو أنه شعور باستحقاقهم له ، وإضافة الويل إليهم ، لأنهم سببه ، وقد استحقوه ، وقرروا ذلك بصريح اللفظ بقول:{ إنا كنا ظالمين} ، أكدوا ظلمهم ب"إن"المؤكدة ، وب "كنا"لأنها تدل على استمرار طلبهم ، ووصفوا أنفسهم بالظلم ، وكان ظلمهم من نواح كثيرة ، فهم كفروا برسالة النبيين وجحدوها وعاندوهم ، وآذوا المؤمنين ، وكفروا بأنعم الله ولم يقوموا بحق شكرها ، وهذا ظلم بيّن ، وأشركوا في عبادتهم ، وإن الشرك لظلم عظيم ، وعاثوا في الأرض فسادا ، وأكلوا أموال الناس بالباطل وغير ذلك مما يجئ تباعا للكفر بالأنبياء .
وإنهم يستمرون على الشعور بالويل وندائه والإحساس بالظلم إلى الموت .
ولذا قال تعالى:{ فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين} .