{ أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير 39} .
لم يجئ محمد صلى الله عليه وسلم للقتال ، ولكن جاء للحق والدعوة إليه ، ولنصرة الفضيلة ، وفضيلته إيجابية وليست سلبية ، ودينه إيجابي ، وليس بسلبي ، وما كان ليستخذى أمام الباطل ، بل يقاومه ، وإلا عم الفساد ، ولذا قال تعالى:{. . .ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين 251} ( البقرة ) ، ولقد كان المؤمنون في مكة يؤذون فيصبرون ، حتى إذا كانوا في المدينة وكانت لهم قوة حامية أذن لهم في القتال دفاعا عن كيانهم ودينهم ، فقال تعالى:
{ أذن للذين يقاتلون} وعبر سبحانه وتعالى بالبناء للمجهول . . . .و{ يقاتلون} ، إشارة إلى أن المؤمنين لم يبتدئوا بالقتال ، بل ابتدأ غيرهم عندما كانوا يؤذون المؤمنين ، وهموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأحاطوا بداره ليقتلوه ، ولكن الله نجاه منهم ، كما قال تعالى:{ وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين 30} ( الأنفال ) .
وقد علل الله تعالى الإذن بالقتال:بقوله:{ بأنهم ظلموا} ، أي بسبب أنهم ظلموا ، وانتصار الأمة المظلومة من الظالمين لها أمر يسوغه قانون العدل وقانون الرحمة ، فمن الرحمة بالإنسان وقف ظلمه ، ورد بغيه عليه ، وأن يدافع عن المؤمنين المظلومين كما وعد ، ولذا قال سبحانه:{ وإن الله على نصرهم لقدير} .
أي أن الله كالئهم ، وقادر وقدرته مطلقة على نصرهم إذا أخذوا في الأسباب وأعدوا للقتال عدته ، وتقدموا بقلوب خاضعة لله تعالى مؤمنة به سبحانه ، وقد أكد سبحانه وتعالى نصره لهم ب"إن"ويذكر لفظ الجلالة وهو{ الله} القادر الغالب ، وبتقديم الجار والمجرور{ على نصرهم} ، وب "اللام"في قوله:{ لقدير} ، واللهينصر من ينصره ، ويؤيد بالحق المؤمنين ، ويخزي الكافرين .
وقد ذكر سبحانه كيف ظلم المؤمنون ، فقال عز من قائل:
{ الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز 40} .