أذن: رخِّص .
كان المؤمنون وهم في مكة يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب من الله الإذن بالقتال ،وكان المشركون يؤذونهم ويظلمونهم ،فيأتون إلى النبيّ الكريم بين مضروبٍ ومشجوج في رأسه ،ويتظلمون إليه .فيقول لهم: « صبراً صبرا ،فإني لم أوذَن بالقتال» حتى هاجر وأنزل الله تعالى هذه الآية:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} .
وهذه كما يقول العلماء ،أولُ آيةٍ نزلت بالإذن بالقتال بعد ما نُهي عنه في نيّف وسبعين آية كما رواه الحاكم في المستدرَك عن ابن عباس .
لقد أُبيح للمؤمنين أن يقاتِلوا المشركين دفاعاً عن أنفسِهم وأموالهم ووطنهم ،وأن يردّوا اعتداءهم عليهم ،بسب ما نالهم من ظلم صبروا عليه طويلا .
ثم وعدهم الله بالنصر ودفع أذى المشركين عنهم:{وَإِنَّ الله على نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} .
سبق ما ذكره القرآن الكريم في هذه الآية من الإذن بالقتال ،جميع القوانين الوضعية ،وهو أن الدفاع عن النفس والمال والوطن والعقيدة أمر مشروع مهما كانت نتائجه ،وأن المُدافع عن نفسه وماله ووطنه وعقيدته ،لا يؤاخذ أمام الله وأمام العدالة ولو قتل نفساً وأزهق أرواحا .وقد قررت الآية أن المسلمين مأذون لهم في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتُدي عليهم .
والآن وقد اعتدى علينا العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الغربيون وسلب أرضنا ،فإن الله تعالى أذِن لنا بالدفاع عن مالنا وأنفسنا ووطننا ،فيجيب علينا أن نعدّ العدة ونتسلح بالإيمان الصادق ونعمل على استرداد مقدساتنا ،ولا يستطيع أحدٌ أن يلومنا إذا فعلنا ذلك ،بل إننا مقصّرون في حق ديننا وظننا إذا لم نفعل ذلك ومؤاخذون عند الله والرسول .
روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس: قال لما أُخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيَّهم ،إنا لله وإنا إليه راجعون ،ليهلكنَّ القوم فأنزل الله تعالى{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ ....} قال أبو بكر: فعرفتُ أنه سيكون قتال .
قراءات:
قرأ نافع وحفص:{أذن للذين يقاتلون} بضم الهمزة من أُذن وفتح التاء من يقاتلون ،
وقرأ ابن كثيرة وحمزة والكسائي:{أذن}بفتح الهمزة ،{للذين يقاتلون} بكسر التاء .