{ والذين سعوا في آياتنا معاجزين} ، أي اجتهدوا في آياتنا لا لإدراكها ومعرفة ما فيها من حجة وبرهان ، بل ليغالبونا فيها ويعاجزونا ، أي ليبادلونا المناقشة في إعجازها ، ودلالاتها على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى وحدانية الله تعالى جل وعلا ، وقد قال الزمخشري في هذه الآية:"وسعى في أمر فلان إذا أصلحه أو أفسده بسعيه ، وعاجزه:سابقه ، لأن كل واحد منهما في طلب عجز الآخر عن اللحاق به ، فإذا سبقه قيل أعجزه وعجزه ، والمعنى سعوا في معناها بالإفساد من طعن ، حيث سموها سحرا وأساطير الأولين ، ومن تثبيط الناس عنها سابقين ، أو مسابقين في زعمهم وتقديرهم ، طامعين في أن كيدهم للإسلام يتم لهم".
والمرمى في هذا الكلام أن هؤلاء المشركين يجتهدون في آيات الله تعالى متعرفين غايتها ودلالتها لا بصدق وأمانة وإدراك سليم ، بل لغاية ، وهي معاجزة المؤمنين ، وتحويل الأمة إلى جدل عقيم ، يحاولون إعجاز المؤمنين في حجتهم ، والمؤمنونيتحدونهم أن يأتوا ، وبتحول الأمر إلى مجادلة ضاعت الحقيقة ، وتبعثرت في وسط لجاجتهم في القول .
هؤلاء بين الله تعالى جزاءهم بقوله:{ أولئك أصحاب الجحيم} الإشارة إلى هؤلاء الذين يسعون لإفساد الحق على أهله ، وضياعه في لجاجة من الباطل يثيرونها ، ولكن الحق لا يضيع بلجاجة الباطل ، أولئك المتصفون بهذه الصفة بسببها يدخلون النار ، وهم أصحاب الجحيم الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه .