{ له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد 64} .
هذه الجملة في مقام التعليل للآية السابقة ، أي أن الله ينزل من السماء ماء فتصبح الأرض اليابسة مخضرة تكون بهجة للناظرين ، لأن الله تعالى{ له ما في السماوات وما في الأرض} ، وله ما فيها ، وهو سبحانه وتعالى غني عن عباده ، فهو غير محتاج إليهم وهم محتاجون إليه فالله هو الغني ، ونحن الفقراء إليه ، ولأنها في معنى التعليل لما تضمنته الآية السابقة كان الفصل بينهما ولم يكن وصل ب"الواو"و"اللام"للملكية ، فالله تعالى مالك لما في السماوات من شمس وقمر ونجوم مسخرات بأمره ، ومالك لما في الأرض من جبال ووهاد ، وزروع وثمار ، وحيوان وأنعام ، وإبل وأفراس ، وما في باطنها من فلزات ومعادن وكنوز ، وما فيها من لآلئ وجواهر ، ولحم طري ، كل ذلك لله ، لأنه خالقه ،{ وإن الله لهو الغني الحميد} وتعريف الطرفين في قوله تعالى:{ وإن الله لهو الغني الحميد} يدل على القصر والاختصاص ، فالله وحده هو الغني ، وجميع الوجود محتاج إليه سبحانه ، والحميد بمعنى المحمود ، فهو "فعيل"بمعنى مفعول ، فهو وحده المستحق لأن يحمد ، ولا يحمد في الوجود سواه .
وقد تأكد غناه سبحانه جل جلاله ، ب "إن"الدالة على التوكيد ، وب"اللام"في قوله:{ لهو} ، وبضمير الفصل ، وبتعريف الطرفين كما قال تعالى:{ يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد 15} ( فاطر ) ، وكل الوجود يحتاج إليه سبحانه ، وهو لا يحتاج لشيء في الوجود .