وقد ذكر الله تعالى من أرسل إليه موسى وأخاه هارون فقال:
{ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ ( 46 )} .
فرعون في عصره كان طاغية الدنيا ، وكان المصريون قد استسلموا له وكان ملؤه حكام مصر يحكمون بطغيانه ، ويسولون له كل ما يفعل ، ويسوغون له ما به يعلو ويسرف ، وباسمه عتوا عن أمر العقل والمنطق والحق ، بعث الله تعالى موسى وهارون إلى هؤلاء وكل يعتز بعزة فرعون ، وكانوا يستفتحون بعزته ، فكانوا من منطق الوقائع ، لا من منطق الحق والعقل مستكبرين ، ولذا رتب على حالهم أنهم مستكبرون فقال:{ فاستكبروا} ، و( الفاء ) فاء السببية ، أي بسبب هذه الطغواء استكبروا وكانوا قوما عالين ، أي مرتفعين عن الناس ، لا في ذات أنفسهم ، بل بحكم واقع الحكم والأمور التي تسير سيرا مطردا ، وهم يعلون في أنفسهم ادعاء وغلوا وطغيانا لا يستمعون إلى الحق ، ولا يصغون إلى داعية ، يغالون في رده ، ولقد قال تعالى:{ إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ( 4 )} [ القصص] ،