وقد قال تعالى في جزائهم:
{ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ( 61 )} .
الإشارة إلى الحاملين لأوصاف السبق عند الله تعالى ، الذين هم من خشية ربهم مشفقون ، والذين هم يذعنون لدلائل آيات ربهم ، ولا يشركون شيئا في العبادة ، والذين يقطعون من أموالهم للفقراء ، ويوجلون إذ يعلمون أنهم إلى ربهم راجعون ، هؤلاء بهذه الصفات التي تسمو بهم يسارعون في الخيرات ، لأنهم يتنقلون في وسط صفات سامية ، فيتنقلون مسرعين في وسط خيرات ، ويلاحظ هنا أن التعدية ب "في"تفيد أنهم ينتقلون من مرتبة خير إلى أعلى منها مسارعين بهذه الصفات السامية ، فهم وسط دائرة الخير دائما ينتقلون في درجاتها ، أو الخير يمهد للخير ، وكل خير يمهد إلى أعلى منه:{ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} الجملة حال من فاعل يسارعون ، فهم بهذه المسارعة المتنقلة بهم من خير إلى خير يسابقون إليها وكأنما يسبقون إلى الجزاء الأوفى ، والنعيم ، فجزاء المسارعة في الخير ، سبق إليه ، والضمير يعود إلى الخيرات ، والمعنى أن السبق إلى الخير هو نفسه خير ، وينتهي إلى جزائه ، فهؤلاء يبتدئ جزاؤهم من أعمالهم براحة ضمائرهم ، واستمتاعهم برضا ربهم ، وإحساسهم بإنسانيتهم الكريمة ، فالخير جزاؤه يبتدئ من ذات فعله ، وينتهي به إلى النعيم يوم القيامة .