وقد أمر الله تعالى نبيه أن يسألهم في أمر كوني آخر .
{ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ( 86 ) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ( 87 )} .
الخطاب أيضا للنبي يأمره أن يسألهم{ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ} ، والربوبية تقتضي:
أولاالخلق والتكوين .
وتقتضي ثانيا الإمداد برحمته .
وتقتضي ثالثاالرقابة عليه والتنظيم له ، والتسيير له ، والقيام على شئونه ، والسموات وصفها بأنها سبع ، ثم قال تعالى:{ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، أي صاحب السلطان العظيم المهيمن على الوجود كله .
وإجابتهم لا محالة{ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} السين لتأكيد القول في المستقبل ، وذلك لما ذكرنا من قبل من أنهم يعلمون أنه لا سلطان في الخلق والتكوين والهيمنة على الوجود إلا لله ، ولكنهم كما قلنا:لا يرتبون النتائج على علمهم ، بل يعبدون غير الله بسيطرة أوهامهم على تفكيرهم ، ونجد هنا افتراقا في الجواب عن السؤال ، فالسؤال:من رب السموات ؛ والجواب:الله ، وظاهر الجواب أن يكون "الله"من غير لام ، ونقول في الجواب عن ذلك إن السؤال عن الربوبية يقتضي السؤال عن الملكية والسلطان ، كأنه قيل لمن السلطان والملك فكان الجواب ( لله ) .
ويلاحظ أنه تكرر لفظ الرب في قوله تعالى:{ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ونقول:إن التكرار لتغاير معنى الربوبية ، ففي الأولى السؤال عن الخالق ، والمنمي ، والقائم بالتدبير ، والتسيير ، والثاني معنى الربوبية السلطان والحكم ،{ قل أَفَلَا تَتَّقُونَ} الأمر موجه للنبي صلى الله عليه وسلم ليقنعهم بخلق الله مع استحقاقه وحده العبودية{ أَفَلَا تَتَّقُونَ} ( الفاء ) كما ذكرنا لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي أنه إذا كان يجب عليهم أن يتقوا الله ويجعلوا وقاية بينهم وبين عذابه ، ما دام هو رب هذا الوجود كله ، ورب السلطان فيه وحده ، وهو الذي يعذب من يشاء ، ويغفر لمن يشاء .