عاد وهود
إن هذه الآيات الكريمات{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ ( 123 ) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( 124 ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( 125 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( 126 ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 127 )} .
هي التي قدمت بها قصة نوح عليه السلام ، وذكرها هنا ليس تكرارا من غير معان واضحة بينة ، وهي تدل أولا على أن الكافرين بالرسل لا يعارضون الآيات ، وينكرونها ، إنما هم لجحودهم ينكرون أصل الرسالة الإلهية إلى البشر ، فهم لا يؤمنون بالله تعالى ، إذ لا يؤمنون بالغيب ، وإنما يؤمنون بالأمور المحسوسة فقط ، والإيمان بالغيب هو التدين ، كما قال تعالى في أوصاف المؤمنين اللذين يؤمنون بالغيب .
وتدل ثانياعلى أن الرسل أمناء الله تعالى على خلقه ، وإرشادهم وتقويمهم ، كما كان يقول كل رسول:{ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ} وهم يكونون من المعروفين بالأمانة في أقوالهم ، لتكون شهرتهم بالأمانة دليلا على صدقهم ابتداء ، فلا يفاجئون بما يتوهم كذبه .
وتدل ثالثاعلى أن رسل الله لا مطمع لهم في أمر دنيوي ، إنما يريدون الهداية والتقوى والإيمان ، وأنهم لا يرجون أجرا إلا من رب العالمين يوم تجزى كل نفس ما كسبت .
وتدل رابعاعلى أن التقوى مطلب النبيين أجمعين ، ولذلك قال كل منهم في مبدأ دعوته{ فاتقوا الله} .
وتدل خامساعلى أن طاعة الرسول واجبة لأنها طاعة الله تعالى ، وكما قال الله تعالى:{ من يطع الرسول فقد أطاع الله ( 80 )} [ النساء] وإن ذلك ليس تكرارا ، ولكنه تأكيد بيان طبائع المشركين وبيان هداية الرسل .