ويظهر أن عادا كانوا يعنون بالبناء والتشييد ، ولذا قال لهم نبيهم:
{ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ( 128 ) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ( 129 ) وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ( 130 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( 131 )} .
الاستفهام إنكاري لإنكار الواقع ، إذ إنهم بنوا فعلا ، والريع ، اسم جنس جمعي لريعة ، وهو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء المربوطة ، أو ياء النسبة ، والريع ما ارتفع من الأرض ، وقيل:أبراج الحمام ، لأنها تبنى على مرتفع وتكون مرتفعة ، وآية معناها علامة ، وليس المراد منها آية الكون أو الكتاب ، بل المراد مطلق علامة ، ومعناها هنا أنهم اتخذوا علامات للطرقات في الجبال أو فجاج الجبال ، وكانوا يتخذونها ليهتدوا في البر وفي السير ، فيتعرفوا بها الطرقات حيث ساروا .
ووجه العبث في بنائها أنهم يغالون في الارتفاع بها مفاخرة ، فهم يعيثون ، ولا يكتفون بقدر الحاجة ، وكل ما يزيد على قدر الحاجة يكون عبثا ، وكل ما يدفع إلى البطر فهو عبث ، أيا كان نوعه .
وذكر الزمخشري أن العبث فيها أنه لا حاجة إلى هذه العلامات ، لأن تهديهم إلى الطرق ، وكان لهم بها علم ، وقد قال تعالى:{ وعلامات وبالنجم وهم يهتدون ( 16 )} [ النحل] .