يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه:( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ) والريع:كل مكان مشرف من الأرض مرتفع, أو طريق أو واد; ومنه قول ذي الرُّمَّة:
طِـرَاقُ الخَـوَافِي مُشْـرفٌ فَوْق رِيعَةٍ
نَــدَى لَيْلِـه فِـي ريشِـهِ يَـتَرَقْرَقُ (1)
وقول الأعشى:
وَيهْمـــاءُ قَفْـــرٍ تَجاوَزْتهـــا
إذَا خَـــبَّ فِــي رِيعِهــا آلُهَــا (2)
وفيه لغتان:ريع ورَيع بكسر الراء وفتحها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال:ثنا أبو صالح, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله:( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ) يقول:بكلّ شرف.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:( بِكُلِّ رِيعٍ ) قال:فجّ.
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله:( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ) قال:بكل طريق.
حدثني سليمان بن عبيد الله الغيلاني, قال:ثنا أبو قتيبة, قال:ثنا مسلم بن خالد, قال:ثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله:( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ) قال:الريع:الثنية الصغيرة.
حدثني يونس, قال:أخبرنا يحيى بن حسان, عن مسلم بن خالد, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد مثله.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال:قال عكرمة:( بِكُلِّ رِيعٍ ) قال:فجّ وواد, قال:وقال مجاهد ( بِكُلِّ رِيعٍ ) بين جبلين.
قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, قوله:( أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ ) قال:شرف ومنظر.
حدثنا الحسن, قال:أخبرنا عبد الرزاق, قال:أخبرنا معمر, عن قَتادة, في قوله:( بِكُلِّ رِيعٍ ) قال:بكلّ طريق.
حُدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد, قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( بِكُلِّ رِيعٍ ) بكلّ طريق. ويعني بقوله ( آية ) بنيانا, علما.
وقد بينا في غير موضع من كتابنا هذا, أن الآية هي الدلالة والعلامة بالشواهد المغنية عن إعادتها في هذا الموضع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلاف منهم في ألفاظهم في تأويله.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:( بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ) قال:الآية:علم.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد:( بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ) قال:آية:بنيان.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد:( آية ):بنيان.
حدثني عليّ بن سهل, قال:ثنا حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, في قوله:( بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ) قال:بنيان الحمام.
وقوله:( تعبثون ) قال:تلعبون.
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:( تعبثون ) قال:تلعبون.
حُدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد, قال:سمعت الضحاك, يقول في قوله:( تعبثون ) قال:تلعبون.
وقوله:( وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ ) اختلف أهل التأويل في معنى المصانع, فقال بعضهم:هي قصور مشيدة.
------------------------
الهوامش:
(1) البيت لذي الرمة (اللسان:ريع) قال:والريع:الجبل، والجمع أرياع، وريوع، ورياع. وقيل:الواحدة ريعة. والجمع:رياع. وحكى ابن برى عن أبي عبيدة:الريعة:جمع ريع، خلاف قول الجوهري، قال ذو الرمة:* طـراق الخوافي واقعًا فوق ريعة *
والريع:السبيل، سلك أو لم يسلك. وقوله تعالى:(أتبون بكل ريع آية). وقرئ:"بكل ريع"، (بفتح الراء):قيل في تفسيره:بكل مكان مرتفع. وقيل معناه:بكل فج. والفج:الطريق المتفرج في الجبال خاصة. وقيل:بكل طريق. وقال الفراء:الريع والريع (بكسر الراء وفتحها) لغتان، مثل الرير والرير. ا ه. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة 173):(بكل ريع)، وهو الارتفاع من الأرض، والطريق. والجمع أرياع وريعة. قال ذو الرمة:
طِـرَاقُ الخَـوَافي مُشْـرِفٌ فَوْقَ رِيعَةٍ
نَــدَى لَيْلِـهِ فِـي رِيشِـهِ يَـتَرَقْرَق
وفي (اللسان:طرق):وطائر طراق الريش:إذا ركب بعضه بعضًا. قال ذو الرمة يصف بازيا:
طِـرَاقُ الخَـوَافي وَاقِـعٌ فَـوْقَ رِيعِه
نَــدَى لَيْلِـهِ فِـي رِيشِـهِ يَـتَرَقْرَق
ويترقرق:يلمع. وكل شيء له بصيص وتلألؤ فهو رقراق. والخوافي:ما تحت القوادم في الطائر من الريش. والقوادم:جمع قادمة، وهي أربع ريشات طويلة في أول جناحه.
(2) البيت نسبه المؤلف للأعشى (أعشى بني قيس بن ثعلبة) وفي ديوانه طبعة القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين (ص 163- 169) قصيدة من هذا البحر المتقارب ومن القافية نفسها، عدتها 47 بيتًا، يمدح بها إياس بن قبيصة الطائي. ولكن البيت سقط منها في نسخة الديوان، ولعله يوجد في نسخ أخرى منه قديمة واليهماء القازة لا ماء بها ولا أنيس وخب تحرك واضطراب والريع قد فسرناه في الشاهد قبل هذا، ونقلنا كلام العلماء والآل السراب وخب السراب أي تحرك ولمع وهذا الشاهد كالذي قبله يريد المؤلف أنه كل مكان مشرف من الأرض مرتفع، أو طريق أو واد وفيه لغتان ريع وريع بكسر الراء وفتحها كما قال، وكما قال غيره من أهل اللغة.