شعيب وأصحاب الأيكة
الأيك الشجر الملتف واحده أيكة ، والمراد أصحاب الشجر الملتف الذي صار أيكة يعاش في ظلها ، ونرى سيدنا شعيبا نبي الله أحيانا يذكر أنه بعث إلى مدين قومه ، وأحيانا يذكر أنه بعث لأصحاب الأيكة ، ويظهر أن المؤدى واحد ، لأن مدين كانت تسكن حول هذه الأشجار الملتفة ، فهي منتفع بها ، وذكرت الأيكة دون مدين لأنها موضع نعمتهم ، وقال بعض المفسرين إنه بعث إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة ، وإني أميل إلى الأول ، وهو الأوضح الذي يسبق إلى الذهن .
والآيات الخمس من قوله تعالى:{ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ( 176 ) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ( 177 ) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ( 178 ) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ( 179 ) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ( 180 )} .
قلنا من قبل إن هذه الآيات تصور وحدة الشرك في أنه لا يؤمن بالرسالة الإلهية ، وأنهم ينكرون أن يكون الرسول بشرا ، كما يبدو من جحودهم ، وأن الرسول يكون منهم ، وأنه معروف فيهم بالأمانة والصدق ، وأنه كان محل صدق عندهم ، لا يكذبونه ، وأنه بهذه الأمانة والثقة والإرسال من الله تعالى يدعوهم ، وأنه لا يطلب جاها ولا مالا ، ولا ملكا ، وإنما يطلب الجزاء والرضا من الله تعالى:{ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي ليس أجرا إلا ما يكون من الله تعالى ، بثواب من عنده ، ورضا من لدنه ، وهو أكبر من كل جزاء .