{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 68 )} .
استأنف الله تعالى القول ببيان قدرته الظاهرة ، وحكمته الباهرة ، فقال:{ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أي إن الله تعالى الذي خلقك ، وقام بربوبيته لحمايتك ، وهو الحي القيوم ، لهو العزيز ، الغالب ، الرحيم ، فيما يعمل مما يسوء الظالمين ويكافئ المحسنين ، وقد أكد الله تعالى عزته ورحمته بعدة مؤكدات هي إن ، وذكر الربوبية ، وباللام ، وبضمير الفصل ، وإن رحمته بادية في نظام هذا الوجود ، وبادية في عدم تسويته بين المحسن ، ومن لا يحسن ، ومن يعلم ، ومن لا يعلم ومن يعدل ومن يظلم ، والله رءوف بالعباد .
يلاحظ هنا أربعة أمور:
الأمر الأولأن ما يتعلق بذكر التربية على لسان فرعون عاتبا أو لائما قد انفردت بذكره هذه السورة ، وكذلك ما يتعلق بالإشارة إلى قتله رجلا من المصريين ، واستحقاقه العقوبة عليه ، لأنه كان ظالما .
الأمر الثانيبيانه لرب العالمين ، وسؤال فرعون عنه متهما ، أو مستنكرا ، لم يذكر بهذا التفصيل مرة أخرى وفي ذلك البيان تنبيه وإنكار لألوهية فرعون المزعومة الباطلة ، وكذلك التهديد بالسجن إذا اتخذ إلها غيره ، فإنه لم يذكر بهذا التأكيد في موضع آخر .
الأمر الثالثأنه ذكرت معجزة العصا ، وما ترتب عليها من إيمان السحرة ، ثم إنذارهم بأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، قد ذكر في آيات أخرى مع اختلاف في العبارات والسياق ، وحذف في بعضها ، ولكن مذكورة ، ولا يعد الاختلاف في التعبير والتصوير مع زيادة أو نقص ، لا يعد تكرارا ، وهذه المعجزة الحسية الباهرة ذكرها ضروري لبيان أن المعجزات الحسية التي يطلب المشركون من محمد صلى الله عليه وسلم مثلها لا تجدي ما دام القلب جاحدا ، وما دام الكفر يسبق الإيمان في قلوب الجاحدين .
الأمر الرابعأنه ذكر فلق البحر الذي صار كالطود العظيم ، وهي معجزة ، وهو في ذات الوقت أمرها شديد ، ونذير للكافرين ، وذكر مع اختلاف العبارات ، وهو ضروري لبيان أن مآل المشركين كمآل فرعون أو أشد .