الأمر الرابع الذي تبدو فيه ربوبية الله تعالى الكاملة{ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} هذا شعور قوي بكمال الربوبية من خليل الله تعالى إبراهيم عليه السلام ، فهو وحده الذي يميت ، ولو كان الإنسان في بروج مشيدة ، وللناس آجال ، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، وإنه بعد الموت البعث ، وهو الحياة الأخرى الجديرة بأن تكون الحياة حقا وصدقا ، كما قال تعالى:{ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ( 64 )} [ العنكبوت] وعطف بثم في موضعها ، لأن البعث لا يكون عقب الموت ، بل يكون بينهما تراخ في الزمن حسا ومعنى ، أما الحس فظاهر ، وأما المعنوي فهو التفاوت بين حياة لاغية مكدودة ، وحياة بالنسبة لمثل خليل الله تعالى حياة هادئة لا لغوب فيها ، بل هي جنات النعيم .