{ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} فإنه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده لا يقدر على ذلك أحد سواه .فإن قيل إن الموت قد يكون بتفريط الإنسان ،وقد أضافه تعالى إلى نفسه ،فما الفرق بين نسبة الموت ونسبة المرض في مقتضى الأدب ؟ أجيب كما في ( الانتصاف ):بأن الموت قد علم بأنه قضاء محتوم من الله تعالى على سائر البشر ،وحكم عام لا يخص ،ولا كذلك المرض فكم من معافى منه قد بغته الموت ؛ فالتأسي بعموم الموت لعله يسقط أثر كونه بلاء ،فيسوغ في الأدب مع الله تعالى ،أنه ينسبه الإنسان إلى نفسه ،باعتبار ذلك السبب الذي لا يخلوا منه .ويؤيد ذلك أن كل ما ذكره مع المرض ،أخبر عن وقوعه بتا وجزما ،لأنه أمر لا بد منه .وأما المرض ،فلما كان قد يتفق وقد لا ،أورده مقرونا بشرط إذا فقال{ وإذا مرضت} وكان ممكنا أن يقول والذي يمرضني فيشفيني ،كما في غيره .فما عدل عن المطابقة المجانسة المأثورة ،إلا لذلك .انتهى .
قال أبو السعود:وأما الإماتة ،فحيث كانت من معظم خصائصه تعالى كالإحياء ،بدءا وإعادة ،وقد نيطت أمور الآخرة جميعها بها وبما بعدها من البعث نظمها في سمط واحد في قوله تعالى:{ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} على أن الموت ،لكونه ذريعة إلى نيله عليه الصلاة والسلام للحياة الأبدية ،بمعزل من أن يكون غير مطموع عنده عليه الصلاة والسلام .