بسم الله الرحمن الرحيم
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ( 1 )}
( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ) قدمنا أن كثيرا ما تفتح السور وتختم بالحمد ،إشارة إلى أنه المحمود على كل حال{ له الحمد في الأولى والآخرة} وتعليما للعباد أدب افتتاح كل أمر ذي بال واختتامه .وذلك بالثناء على الله تبارك وتعالى بنعمه العظمى ومننه الكبرى ،وفي إيثار إنزال التنزيل من بين سائر نعوته العلية ،تنبيه على أنه أعظم نعمائه .فإنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد ،والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والمعاد .ولا شيء في معناه يماثله .وفي ذكر الرسولبعنوان العبودية ،تنبيه على عظمة المنزل والمنزل عليه .كما تدل عليه الإضافة الاختصاصية ،كما تقدم في سورة الإسراء .وإشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى في حق عيسى عليه السلام .وتعريف الكتاب للعهد .أي الكتاب الكامل الغني عن الوصف بالكمال ،المعروف بذلك من بين الكتب ،الحقيق باختصاص اسم الكتاب به .وهو عبارة عن جميع القرآن .أو عن جميع المنزل حينئذ .وتأخيره عن الجار والمجرور ،مع أن حقه التقديم عليه ،ليتصل به قوله سبحانه:{ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} أي شيئا من العوج باختلال في نظمه وتناف في معانيه .أو زيغ وانحراف عن الدعوة إلى الحق .بل جعله مزيلا للعوج ؛ إذ جعله:
{ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ( 2 )}
{ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ( 3 )} .