{ والعصر} أي الدهر .أقسم الله به لانطوائه على تعاجيب الأمور القارة والمارة .ولذا قيل له:( أبو العجب ) ،ولأنه بما فيه من النعم وأضدادها ،فينبه الإنسان على أنه مستعد للخسران والسعادة ،وللتنويه به والتعظيم من شأنه ،تعريضا ببراءته مما يضاف إليه من الخسران والذم .كما قيل:
يعيبون الزمان وليس فيه***معايب غير أهل للزمان
وجوز أن يراد بالعصر الوقت المعروف الذي يجب فيه صلاة العصر .
قال الإمام:كان من عادة العرب أن يجتمعوا وقت العصر ،ويتحادثوا ويتذاكروا في شؤونهم .وقد يكون في حديثهم ما لا يليق أو ما يؤذي به بعضهم بعضا ،فيتوهم الناس أن الوقت المذموم ،فأقسم الله به لينبهك إلى أن الزمان في نفسه ليس مما يذم ويسب ،كما اعتاد الناس أن يقولوا:( زمان مشؤوم ) ،و( وقت نحس ) ،و( دهر سوء ) ،وما يشبه ذلك ؛ بل هو عاد للحسنات كما هو عاد للسيئات .وهو ظرف لشؤون الله الجليلة من خلق ورزق وإعزاز وإذلال وخفض ورفع ،فكيف يذم في ذاته ،وإنما قد يذم ما يقع فيه من الأفاعيل الممقوتة .