بسم الله الرحمن الرحيم
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ} .
{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} أي دنا لأهل مكة ما وعدوا به في الكتاب من الحساب الأخروي وهو عذابهم{ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} أي عما يراد بهم{ مَّعْرِضُونَ} أي مكذبون به .وإنما كان مقتربا لأن كل آت وإن طالت أوقات استقباله وترقبه ،قريب .وقد قال تعالى:{ إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا} وقال تعالى:{ ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده ،وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} ولا يخفى ما في عموم ( الناس ) من الترهيب البليغ .وإن حق الناس أن ينتبهوا لدنو الساعة ،ليتلافوا تفريطهم بالتوبة والندم .كما أن في تسمية يوم القيامة ،بيوم الحساب زيادة إيقاظ ،لأن الحساب هو الكاشف عن حال المرء ،ففي العنوان ما يرهب منه ،ولو قيل بأن الحساب أعم من الدنيوي والأخروي لم يبعد ،ويكون فيه إشارة إلى قرب محاسبة مشركي مكة بالانتصاف منهم والانتصار عليهم ،كما أشير إليه في آية:{ فعسى الله أن يأتي بالفتح} ووعد به النبي وصحبه في آيات كثيرة .إلا أن شهرة الحساب فيما بعد البعث الأخروي ،حمل المفسرين على قصر الآية عليه .والله أعلم .