بسم الله الرحمن الرحيم
{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} .
يحمد تعالى نفسه الكريمة ويثني عليها ،لما أنزله من الفرقان ،كما قال{[5881]}:{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات} الآية .
قال الزمخشري:( البركة ) كثرة الخير وزيادته .ومنها ( تبارك الله ) وفيه معنيان:تزايد عن كل شيء وتعالى عنه ،في صفاته وأفعاله .و{ الفرقان} مصدر فرق بين الشيئين ،إذا فصل بينهما .وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل .أو لأنه لم ينزل جملة واحدة ،ولكن مفروقا مفصلا بعضه عن بعض في الإنزال .
ألا ترى إلى قوله{[5882]}:{ وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} انتهى .
قال الناصر:والأظهر ها هنا هو المعنى الثاني .لأن في أثناء السورة بعد آيات{[5883]}:{ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة} قال الله تعالى:{ كذلك} أي أنزلناه مفرقا كذلك{ لنثبت به فؤادك} فيكون وصفه بالفرقان في أول السورة – والله أعلم - .كالمقدمة والتوطئة لما يأتي بعد .انتهى .
قال أبو السعود:وإيراده عليه الصلاة والسلام بذلك العنوان ،لتشريفه والإيذان بكونه في أقصى مراتب العبودية ،والتنبيه على أن الرسول لا يكون إلا عبدا للمرسل ؛ ردا على النصارى ،والكناية في{ ليكون} للعبد أو للفرقان .و ( النذير ) صفة بمعنى منذر ،أو مصدر بمعنى الإنذار ،كالنكر مبالغة .