هذه الدعوات كلها مطالب من إبراهيم الخليل المخلص إلى ربه ، وهي مطالب إيجابية ، اتجه بعد ذلك إلى مطالب سلبية مانعة ، فقال عليه السلام:
{ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ( 87 ) يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ( 88 ) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ( 89 ) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ ( 90 ) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ ( 91 )} .
الواو عاطفة ، والجملة التماس من الله تعالى ألا يخزيه يوم البعث ، وذات البعث لا خزيان فيه ، إنما الخزي يوم الحساب ويوم تشهد عليهم أعضاؤهم بما فعلوا ، وتنطق أعمالهم بما ارتكبوا ، ولا ننسى أن الدعاء من خليل الله ، وكيف يتصور أن يخزيه الله تعالى وهو رسوله ، ولكن لفرط إحساسه بحق الله تعالى يظن في نفسه القصور ، ومعه الخزي ، فإن دقة الإحساس تجعله يستصغر حسناته في جنب الله تعالى العزيز الحكيم ، وكلما قرب الإنسان من الله تعالى أحس بقصوره ، ولا يحس بعظمة ما فعل ، ويحسب أنه من المقصرين ، لا من المقربين الصادقين .