الاستفهام داخل على أمر مؤكد وقوعه ، فالاستفهام ليس لشك في وقوع الأمر بل لغرابة في الوقوع المؤكد ، فالاستفهام بلا ريب يفيد استغراب هذا الواقع المؤكد ، وهو إتيان الرجال شهوة من دون النساء ، ووجه الغرابة:أولا أنهم يجعلون الرجال في موضع النساء ، وذلك فساد في الفطرة أي فساد ، ووجه الغرابة ثانيا ، أن الإتيان لأجل الولد ، وهذا ليس موضع الحرث المنتج ، ووجه الغرابة ثالثا ، أنه فاحشة في ذاته ، إذ هو فساد ، وقال سبحانه بعد ذلك:{ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} .
بل للإضراب الانتقالي ، وكأنه إضراب عن بيان أفعالهم ، لأنه لا غرابة ممن شأنه أن يجهل ولا يتحرى الصواب في أفعاله ، بل إنه حائر بائر ، لا يفعل إلا ما يجهل ، ولذا عبر بالمضارع المصور لحال الجهل الذي لا تصدر عنه أفعالهم إلا وهم يجهلون ، وسجل سبحانه وتعالى عليهم أنهم لا يفعلون إلا ما هو مجهول عند أهل العقول السليمة ، لأولا بالجملة الاسمية وبالخطاب المواجه المصور الموبخ ، وبالتعبير بالمضارع الدال على تصوير الجهل المستمر الذي يدل على أن الجهل حال دائمة لا تنفصل عنهم .
وإن الباطل ينفر من الحق ، ولا يستطيع أن يواجهه ، ولذا اتجهوا إلى إخراج لوط ومن معه من الأطهار من بينهم .