{ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم}
/م9
بعد أن ذكر سبحانه جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر سبحانه الذين كفروا وكذبوا بآيات الله تعالى ، وهذا النص الكريم يشتمل على وصف الذين لم يؤمنوا وجزائهم .
وإن أولئك الذين لم يؤمنوا يتصفون بوصفين:أولهما:الكفر وثانيهما:تكذيب آيات الله تعالى القائمة حجة على رسالة الرسول الذي أرسل إليهم ، وقد ذكر الكفر سابقا على تكذيب الآيات مع أن الظاهر أن الكفر نتيجة لهذا التكذيب وذلك لأن الكفر هنا معناه:جحود القلب وطمس معالم الإدراك فقلوبهم غلف ، قد غطيت عنها الحقائق وغاب عنها الفهم الصحيح ، والإنكار يكون مرتكزا في النفس ، فلا تذعن ولا تصدق وإذا كانت النفوس على هذا النحو فإنه يكون التكذيب لكل ما تدل عليه الآيات الحسية والمعجزات القطعية ، لأن القلب قد شاه وفسد ، فلا يرى الحقائق ويكذب بها ، كما أن العين إذا شاهت وغشيت أصبحت لا ترى النور المبصر ، وإن عم صاحبها وإن التكذيب بالمعجزات أكبر ما يكون عن فساد في الإدراك ، إذ يكون لهم قلوب لا يفقهون بها ، ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها ، وكان التكذيب جرما عظيما لأنه تكذيب بآيات الله تعالى التي كانت للدلالة على الرسالة والإذعان للحق ، فلم يفعلوا وكان الجزاء ما عبر عنه سبحانه بقوله تعالى:{ أولئك أصحاب الجحيم} .
أي أولئك الذين كان منهم الكفر والجحود ثم التكذيب للآيات وقد جاءت معلمة واضحة بسبب ذلك كانوا ملازمين للجحيم أي النار المتأججة الشديدة اللهب التي تشوي الأجسام والوجوه شيا ، فمعنى أصحاب الجحيم:الملازمون لها ملازمة الصاحب لصاحبه الذي لا يفترق عنه ، وكلاهما جدير بصاحبه .