ولئن كانت لهذه الأصنام قوة أو لكم أنتم معشر العابدين لها – قوة ، فقوتكم من الشيطان وهو وليكم والله ولى المؤمنين ، وأين أولياء الشياطين من أولياء الله ؛ ولذا قال تعالى:{ إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ( 196 )} .
{ إن ولي الله} الوالي هو الحبيب الموالي ، والنصير ، والمضل برعاية ، وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه فهو حبيبه ونصيره ومن يعيش في ظله ، ويفيض عليه برحمته وهدايته ، ومن يكون الله تعالى وليه لا يضار ، ومن يرومه رد عليه .
وقد أكد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولايته لله بالجملة الاسمية ، و ( إن ) مؤكدة . والكلام يفيد القصر ، أي إن ولايتي لله تعالى وحده ، ولا ولاية لأحد سواه ، هناك الولاية لله الحق ، وإنه نعم المولى ونعم النصير .
وقد ذكر بعد ذلك أن الله تعالى هو منزل القرآن ، وهو جدير بأن يحفظه كما وعد ، وكما ذكر ، وأن يؤيد من بلغه رحمة للعالمين ، فقد قال تعالى:{ الذي نزل الكتاب} وصلة الموصول علة في الحكم ومؤكدة لمعنى القول ، أي أن الله تعالى ناصر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه صاحب الولاية المطلقة ، ولأنه رسوله ، وصاحب الكتاب المبين الذي يماري في الضالون ، فالله ناصره .
وأمر ثالث يوجب عون الله تعالى ، ونصرته ، وهو أن الله تعالى من شأنه أن يتولى الصالحين ، أي يتعهدهم رعايته وتأييده وتوفيقه ، ولا يتولى المفسدين .
وفي هذا الكلام إشارتان بيانيتان:
إحداهما – الحكم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه من الصالحين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون ، وأن عبدة الأوثان مفسدون ، قد أفسدوا في تفكيرهم وفي اعتقادهم ، وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام ، وبعبادتهم من لا ينفع ولا يضر ،
والثانية – أن الله تعالى ناصر الصالح على الفاسد ، ويتولى الصالحين برعايته ، وأنه – سبحانه وتعالى – لن يضيعهم أبدا ، وأن النصر في النهاية للفضيلة لا الرذيلة ، وللحق لا الباطل ، وهو يتولى عباده المخلصين دائما .