وقد بين الله تعالى بعض ما فازوا به ، وهو الجنة ، فقال تعالى:{ أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم 89} .
هذا بعض الفلاح الذي ذكره الله ، وهو أنه أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ، أي أن الله تعالى أعطاهم نعيما فيه ثلاث خواص كلها يزكي بعضها بعضا .
أولها:أنها جنات ، وهي جمع جنة فيها الأشجار التي تظل من الحرور ، وتتمتع النفس برؤيتها ، وبهجتها ، وفيها الثمار اليانعة ، وفيها من كل فاكهة ما يشتهون ، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ففيها متعة النفس والجسم والروح .
الثاني:أن الأنهار تجري من تحتها تدفع الحرور ، وتسقى النفوس والأجسام ، ويكون التمتع ببهجتها ومنظرها .
الثالث:أنها خالدة ، ففي كل نعيم غير باق يكون الألم بفنائه وانتهائه ، أما نعيم الجنة ، فهو للبقاء .
ختم الله تعالى الآية بقوله:{ ذلك الفوز العظيم} الإشارة إلى هذا النعيم المقيم ، وقصر الفوز عليه ، أي فلا فوز غيره ، فما يحسبه في الدنيا من أسباب الفوز إنما هو باطل لا يجوز .
ودل على القصر تعريف الطرفين ، وضمير الفصل ، والله تعالى أعلم بما يجزى به عباده المتقين .