هذه الجمل بيان لما في جملة{ ألم تر كيف فعل ربك}[ الفيل: 1] من الإِجمال .وسمى حربهم كيداً لأنه عمل ظاهره الغضب من فعل الكناني الذي قعد في القليس .وإنما هو تعلة تعللوا بها لإِيجاد سبب لحرب أهل مكة وهدم الكعبة لينصرف العرب إلى حجّ القليس في صنعاء فيتنصّروا .
أو أريد بكيدهم بناؤهم القليس مظهرين أنهم بنوا كنيسة وهم يريدون أن يبطلوا الحج إلى الكعبة ويصرفوا العرب إلى صنعاء .
والكَيد: الاحتيال على إلحاق ضر بالغير ومعالجة إيقاعه .
والتضليل: جعل الغير ضالاً ،أي لا يهتدي لمراده وهو هنا مجاز في الإِبطال وعدم نوال المقصود لأن ضلال الطريق عدم وصول السائر .
وظرفية الكيد في التضليل مجازية ،استعير حرف الظرفية لمعنى المصاحبة الشديدة ،أي أبطل كيدهم بتضليل ،أي مصاحباً للتضليل لا يفارقه ،والمعنى: أنه أبطله إبطالاً شديداً إذ لم ينتفعوا بقوتهم مع ضعف أهل مكة وقلة عددهم .وهذا كقوله تعالى:{ وما كيد فرعون إلا في تباب}[ غافر: 37] أي ضياع وتلف ،وقد شمل تضليلُ كيدهم جميعَ ما حلّ بهم من أسباب الخيبة وسوء المنقلب .