وقوله:{ الذين هم عن صلاتهم ساهون} صفة{ للمصلين} مقيِّدة لحكم الموصوف فإن الويل للمصلي الساهي عن صلاته لا للمصلي على الإطلاق .
فيكون قوله{ الذين هم عن صلاتهم ساهون} ترشيحاً للتهكم الواقع في إطلاق وصف المصلين عليهم .
وعدي{ ساهون} بحرف{ عن} لإفادة أنهم تجاوزوا إقامة صلاتهم وتركوها ولا علاقة لهذه الآية بأحكام السهو في الصلاة .
وقوله:{ الذين عن صلاتهم ساهون} يجوز أن يكون معناه الذين لا يؤدون الصلاة إلاّ رياء فإذا خلوا تركوا الصلاة .
ويجوز أن يكون معناه: الذين يصلون دون نية وإخلاص فهم في حالة الصلاة بمنزلة الساهي عما يفعل فيكون إطلاق{ ساهون} تهكماً كما قال تعالى:{ يراءون الناس ولا يذكرون اللَّه إلا قليلاً في المنافقين} في سورة النساء ( 142 ) .
و ( يراءون ) يقصدون أن يَرى الناسُ أنهم على حال حسن وهم بخلافه ليتحدث الناس لهم بمحاسنَ ما هم بموصوفين بها ،ولذلك كَثر أن تعطف السُّمعة على الرياء فيقال: رياء وسُمعة .
وهذا الفعل وارد في الكلام على صيغة المفاعلة ولم يسمع منه فعل مجرد لأنه يلازمه تكرير الإِراءة .
و{ الماعون}: يطلق على الإِعانة بالمال ،فالمعنى: يمنعون فضلهم أو يمنعون الصدقة على الفقراء .فقد كانت الصدقة واجبة في صدر الإِسلام بغير تعيين قبل مشروعية الزكاة .
وقال سعيد بن المسيب وابن شهاب: الماعون: المال بلسان قريش .
وروى أشهب عن مالك: الماعون: الزكاة ،ويشهد له قول الراعي:
قوم على الإِسلام لمّا يمنعوا *** ماعونهم ويضيِّعوا التهليلا
لأنه أراد بالتهليل الصلاة فجمع بينها وبين الزكاة .
ويطلق على ما يستعان به على عمل البيت من آنية وآلات طبخ وشدّ وحفر ونحو ذلك مما لا خسارة على صاحبه في إعارته وإعطائه .وعن عائشة: الماعون الماء والنار والملح .وهذا ذم لهم بمنتهى البخل .وهو الشح بما لا يزرئهم .