موقع الفاء صريح في اتصال ما بعدها بما قبلها من الكلام على معنى التفريع والترتب والتسبب .فيجيء على القول: إن السورة مكية بأجمعها أن يكون المراد بالمصلين عينَ المراد بالذي يكذب بالدين ،ويدُعّ اليتيم ،ولا يحض على طعام المسكين ،فقوله{ للمصلين} إظهار في مقام الإِضمار كأنه قيل: فويل له على سهوه عن الصلاة ،وعلى الرياء ،وعلى منع الماعون ،دعا إليه زيادة تعداد صفاته الذميمة بأسلوب سليم عن تتابع ستِّ صفات لأن ذلك التتابع لا يخلو من كثرة تكرار النظائر فيشبه تتابع الإِضافات الذي قيل إنه مُناكد للفصاحة ،مع الإِشارة بتوسط ويل له إلى أن الويل ناشىء عن جميع تلك الصفات التي هو أهلها وهذا المعنى أشار إليه كلام « الكشاف » بغموض .
فوصفهم ب« المصلين » إِذَنْ تهكم ،والمراد عدمه ،أي الذين لا يصلون ،أي ليسوا بمسلمين كقوله تعالى:{ قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين}[ المدثر: 43 ،44] وقرينة التهكم وصفهم ب{ الذين هم عن صلاتهم ساهون} .
وعلى القول بأنها مدنية أو أن هذه الآية وما بعدها منها مدنية يكون المراد{ بالمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون} المنافقين .وروَى هذا ابنُ وهب وأشهبُ عن مالك ،فتكون الفاء في قوله:{ فويل للمصلين} من هذه الجملة لربطها بما قبلها لأن الله أراد ارتباط هذا الكلام بعضه ببعض .
وجيء في هذه الصفة بصيغة الجمع لأن المراد ب{ الذي يكذب بالدين}: جنس المكذبين على أظهر الأقوال .فإن كان المراد به معيناً على بعض تلك الأقوال المتقدمة كانت صيغة الجمع تذييلاً يشمله وغيره فإنه واحد من المتصفين بصفة ترك الصلاة ،وصفة الرياء ،وصفة منع الماعون .