عطف على جملة{ إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[ الحجر: 9] باعتبار أن تلك جواب عن استهزائهم في قولهم:{ يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون}[ الحجر: 6] فإن جملة{ إنا نحن نزلنا الذكر} قَول بموجَب قولهم:{ يا أيها الذي نزل عليه الذكر} .وجملة{ ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين} إبطال لاستهزائهم على طريقة التمثيل بنظرائهم من الأمم السالفة .
وفي هذا التنظير تحقيق لكفرهم لأن كفر أولئك السالفين مقرّر عند الأمم ومتحدِّث به بينهم .
وفيه أيضاً تعريض بوعيد أمثالهم وإدماج بالكناية عن تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام .
والتأكيد بلام القسم و ( قَد ) لتحقيق سبق الإرسال من الله ،مثل الإرسال الذي جحدوه واستعجبوه كقوله:{ أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم}[ سورة يونس: 2] .وذلك مقتضى موقع قوله:{ من قبلك} .
والشِيَع جمع شيعة وهي الفرقة التي أمرها واحد ،وتقدم ذلك عند قوله تعالى:{ أو يلبسكم شيعا} في سورة الأنعام ( 65 ) .ويأتي في قوله تعالى:{ ثم لننزعن من كل شيعة} في سورة مريم ( 69 ) ،أي في أمم الأولين ،أي القرون الأولى فإن من الأمم من أرسل إليهم ومن الأمم من لم يرسل إليهم .فهذا وجه إضافة{ شيع} إلى{ الأولين} .