قوله{ والسَّلامُ عليَّ يَوْم وُلِدتُّ} إلى آخره ،تنويه بكرامته عند الله ،أجراه على لسانه ليعلموا أنه بمحل العناية من ربّه ،والقول فيه تقدّم في آية ذكر يحيى .
وجيء بالسَّلامُ هنا معرّفاً باللام الدالة على الجنس مبالغة في تعلّق السلام به حتى كان جنس السلام بأجمعه عليه .وهذا مؤذن بتفضيله على يحيى إذ قيل في شأنه{ وسَلام عليه يومُ ولد}[ مريم: 15] ،وذلك هو الفرق بين المعرّف بلام الجنس وبين النكرة .
ويجوز جعل اللام للعهد ،أي سلام إليه ،وهو كناية عن تكريم الله عبده بالثناء عليه في الملأ الأعلى وبالأمر بكرامته .ومن هذا القبيل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}[ الأحزاب: 56] ،وما أمرنا به في التشهد في الصلاة من قول المتشهد: « السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » .
ومؤذن أيضاً بتمهيد التّعريض باليهود إذ طعنوا فيه وشتموه في الأحوال الثلاثة ،فقالوا: ولد من زنى ،وقالوا: مات مصلوباً ،وقالوا: يحشر مع الملاحدة والكفرة ،لأنهم يزعمون أنه كفر بأحكام من التوراة .