قوله{ وأنَا اخْتَرْتُكَ} أخبر عن اختيار الله تعالى موسى بطريق المسند الفعلي المفيد تقوية الحكم ،لأنّ المقام ليس مقام إفادة التخصيص ،أي الحصر نحو: أنا سعيت في حاجتك ،وهو يعطي الجزيل .وموجِب التقوّي هو غرابة الخبر ومفاجأته به دفعاً لتطرّق الشك في نفسه .
والاختيار: تكلف طلب ما هو خير .واستعملت صيغة التكلف في معنى إجادة طلب الخير .
وفُرع على الإخبار باختياره أن أُمِر بالاستماع للوحي لأنه أثر الاختيار إذ لا معنى للاختيار إلاّ اختياره لتلقي ما سيوحي الله .
والمراد: ما يوحى إليه حينئذ من الكلام ،وأما ما يوحى إليه في مستقبل الأيام فكونه مأموراً باستماعه معلوم بالأحْرى .
وقرأ حمزة وحده{ وأنّا اخترناك} بضميري التعظيم .
واللام في{ لِمَا يُوحَى} للتقوية في تعدية فعل « استمع » إلى مفعوله ،فيجوز أن تتعلق باخْتَرْتُكَ ،أي اخترتك للوحي فاستمع ،معترضاً بين الفعل والمتعلّق به .ويجوز أن يضمّن استمع معنى أصْغغِ .