وتفرض الحقيقة نفسها عليه فيطمئن ويهدأ ويتابع الاستماع بلهفة وشوق:{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ} لتكون رسولاً من قبلي إلى فرعون لتقوده إلى الإيمان ولتردعه عن الطغيان ،وإلى هذا الشعب الذي عاش العبودية في عمق ذاته حتى أصبحت جزءاً من كيانه ،بما يقدمه من فروض الطاعة لمستعبديه دون إحساس بضرورة الثورة أمام المستعبدين لنيل الحرية التي تستقيم من خلالها إنسانيتهم .وأنا اخترتك لتكون رسولاً إلى الحياة كلها ،ليستقيم لها الطريق من خلال رسالتك وشريعتك ،ولتنتظم خطواتها في الخط المستقيم .
{فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} وافتح قلبك لاياته ،وعقلك لأفكاره ،وسمعك لكلماته ..وروحك لإحساساته ..وأعطه كل كيانك لتستوعبه كحقيقة وجدانية لا مجال فيها لأي شك أو زيغ أو انحراف .