{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ} إنها الحقيقة الساطعة التي يشع نورها على الوجود كله .إنها فكرة التوحيد التي تؤكد على وحدانية الخالق الذي هو الله لا إله إلا هو ،وقد جاءت الرسالات لتعمقها في وجدان الإنسان وعقله ،ليكون التصور للمسألة الإلهية صافياً نقياً في العمق التوحيدي ،بحيث يمتزج الجانب العقلي بالجانب الوجداني الشعوري .
{فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} وهذا هو الخط الثاني العملي للمسألة التوحيدية في العقيدة بما يمثله توحيد العبادة لله ،بالتزام أحكامه في الجانب التشريعي من حياتهم ،والتزام مفاهيمه في الجانب الفكري من ثقافتهم ،والتزام منهجه في الأسلوب العملي لحركتهم ،ما يجعل حركة الإنسان في الحياة منسجمة مع حركة العقيدة في الداخل ،لأن الإخلاص في التوحيد يفرض التحرك في خطين ؛خط العقيدة ،وخط العمل .
وفي هذا الجو تأتي إقامة الصلاة لتحقق القوة الروحية التي ترتفع بالإنسان إلى الله ليعيش عروج الروح إلى قدسه ،من خلال الجو الإيماني الذي يعيشه الجسد في حركة العبادة ،ما يؤدي به إلى الإحساس بحضور الله في وعيه ووجدانه ،بحيث يرى الله في كل شيء فيذكره في كل موقف ..
وهذا هو الوحي الأول الذي أوحى به الله إلى موسى( ع ) ليكون عنوان الرسالة في خطوطها التفصيلية الفكرية والعملية ،ليعرف من خلال نقطة البداية ما يحدد له خط السير لتلمّس ملامح خط النهاية ،تماماً كما هو المفهوم من الآية الكريمة:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُواْ} [ فصلت:30] .