/م9
المفردات:
لذكري: لتكون ذاكرا لي .
التفسير:
14-{إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} .
إنه نداء علوي إلهي من رب كريم تفضل على أحد خلقه فكلمه تكليما ،وعلمه تعليما ،فالكبرياء له وحده ،والعظمة له وحده ،فالعبد يحسن به التواضع ،وإذا فعل كل شيء كان كأنه لم يفعل شيئا ،أما الرب فهو وحده الذي يحق له الحمد والشكر ،والعظمة والكبرياء ؛فهو وحده الواحد الأحد ،الخالق الرازق المهيمن المبدئ المعيد ،الواجد الماجد .
{إنني أنا الله لا إله إلا أنا} .أنا المستحق للعبادة لا إله غيري ،أنا الله خالق الكون والحياة والإنسان وسائر الموجودات ،لا إله سواي ،لا يقدر على الخلق غيري .
{إنني أنا الله} .لإثبات الألوهية لله وحده ،لا إله إلا أنا لنفي الألوهية عن كل ما سواه ،والمقصود: إثبات عقيدة التوحيد ،واليقين الجازم ،بأن التصرف في هذا الكون كله بيد الله وحده .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على بغلته فقال لي: ( يا غلام ،هل أعلمك كلمات ينفعك الله بهن في الدنيا والآخرة ؟) قلت: بلى يا رسول الله علمني ،فقال: ( يا غلام ،احفظ الله يحفظ ،احفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن بالله ،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ؛ما نفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء ؛لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ،جفت الأقلام وطويت الصحف )10 .
{فاعبدني} .
أي: وإذ كنت أنا الإله وحدي ولا معبود سواي ؛فخصني بالعبادة والتذلل والانقياد في جميع ما كلفته به .
{وأقم الصلاة لذكري} .
ادخل في الصلاة بالخشوع ،وحضور القلب وذكر الله ودعائه ،والتوجه إليه دون سواه .
وخص القرآن الصلاة هنا ؛لأنها صلة بين العبد وربه ،ووسيلة للطهارة الحسية والمعنوية ،وباب من أبواب الرفعة ؛حين يتطهر الإنسان الفاني ،ويكبر ويدخل في الصلاة فيناجي الإله الباقي ،ويكبر ويسبح ويحمد خالقه ،ومن له الحمد في الأولى والآخرة ؛ولذا فإن الصلاة أفضل أركان الدين بعد التوحيد .
قال تعالى:{وأقم الصلاة لذكري} .
وقال سبحانه:{اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون} .( العنكبوت: 45 ) .