{ إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري 14}
لهذه الجملة السامية بيان لمعنى ما يوحى الله به مما يجب الاستماع له والأخذ به وتبليغه ، وأن يخاطب به فرعون ، وما ذكره في هذا المقام ، هو لب التدين ، فلبّ التدين هو عبادة الله وحده وإقامة الصلاة لذكر الله تعالى ، والخشوع والركوع والسجود ، فالصلاة كلها ذكر لله تعالى ، وهي شرعته لتمتلئ القلوب بالله ، ولتكون مطمئنة لذكر الله تعالى:{. . .ألا بذكر الله تطمئن القلوب 28} ( الرعد ) وذكر الله تعالى هو الذي ينقي القلوب من أدران الهوى ، والقلوب التي تذكر الله تعالى لا يدخلها الشيطان ، ولا يسكن الشيطان إلا القلوب الفارغة من ذكر الله تعالى ، ولقد قال الزمخشري في معنى{ وأقم الصلاة لذكري} ، "لذكري:أي لتذكرني فإن ذكري أن أعبد وليصلى لي ، أو لتذكري فيها لاشتمال الصلاة على الأذكار . . . أو لذكري خاصة لا تشوبه بذكر غيري أو لإخلاص ذكري ، وطلب وجهي لا تراني بها ، ولا تقصد بها غرضا آخر ، أو لتكون لي ذاكرا غير ناس ، فعل المخلصين في جعلهم ذكر ربهم على بال منهم وتوكيل هممهم وأفكارهم به ، كما قال تعالى:{. . .لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله . . .37} ( النور ) . هذه معان متوافقة غير متضاربة لكلمة{ لذكري} ولتوافقها صح أن تكون كلها داخلة في معنى هذه الكلمة السامية{ لذكري} .