قوله تعالى{ فرجعوا إلى أنفسهم} يجوز أن يكون معناه فرجع بعضهم إلى بعض ،أي أقبل بعضهم على خطاب بعض وأعرضوا عن مخاطبة إبراهيم على نحو قوله تعالى:{ فسلِّموا على أنفسكم}[ النور: 61] وقوله تعالى:{ ولا تقتلوا أنفسكم}[ النساء: 29] ،أي فقال بعضهم لبعض إنكم أنتم الظالمون .
وضمائر الجمع مراد منها التوزيع كما في: ركب القومُ دوابهم ،ويجوز أن يكون معناه فرجع كل واحد إلى نفسه ،أي ترك التأمل في تهمة إبراهيم وتدبر في دفاع إبراهيم .فلاح لكل منهم أن إبراهيم بريء فقال بعضهم لبعض{ إنكم أنتم الظالمون} .وضمائر الجمع جارية على أصلها المعروف .والجملة مفيدة للحصرْ ،أي أنتم ظالمون لا إبراهيم لأنكم ألصقتم به التهمة بأنه ظَلَم أصنامنا مع أن الظاهر أن نسألها عمّن فعلَ بها ذلك ،ويظهر أن الفاعل هو كبيرهم .
والرجوع إلى أنفسهم على الاحتمالين السابقين مستعار لشغل البال بشيء عقب شغله بالغير ،كما يرجع المرء إلى بيته بعد خروجه إلى مكان غيره .