{ وعَمَّا قَليلٍ} أفاد حرف ( عن ) المجاوزة ،أي مجاوزة معنى مُتعلَّقها الاسمَ المجرور بها .ويكثر أن تفيد مجاوزة معنى متعلّقها الاسم المجرور بها فينشأ منها معنى ( بَعْد ) نحو{ لَتَرْكَبُنّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ}[ الانشقاق: 19] فيقال: إنها تجيء بمعنى ( بَعْد ) كما ذكره النحاة وهم جروا على الظاهر وتفسير المعنى إذ لا يكون حرف بمعنى اسم ،فإن معاني الحروف ناقصة ومعاني الأسماء تامة .فمعنى{ عما قليل ليصبحن نادمين}: أن إصباحهم نادمين يتجاوز زمناً قليلاً: أي من زمان التكلم وهو تجاوز مجازي بحرف ( عن ) مستعار لمعنى ( بَعْد ) استعارة تبعيَّة .و{ ما} زائدة للتوكيد .
و{ قليل} صفة لموصوف محذوف دل عليه السياق أو فعل الإصباح الذي هو من أفعال الزمن فوعد الله هذا الرسول نصراً عاجلاً .
وندمهم يكون عند رؤية مبدأ الاستئصال ولا ينفعهم ندمهم بعد حلول العذاب .
والإصباح هنا مراد به زمن الصباح لا معنى الصيرورة بدليل قوله في سورة الحجر ( 83 ){ فأخذتهم الصيحة مصبحين .}