تقتضي الفاء تعجيل إجابة دعوة رسولهم .
والأخذ مستعار للإهلاك .
والصيحة: صوت الصاعقة ،وهذا يرجح أو يعيِّن أن يكون هؤلاء القرن هم ثمود قال تعالى:{ فأما ثمود فأهْلِكوا بالطاغية}[ الحاقة: 5] وقال في شأنهم في سورة الحجر ( 83 ){ فأخذتهم الصيحة مصبحين} وإسناد الأخذ إلى الصيحة مجاز عقلي لأن الصيحة سبب الأخذ أو مقارنة سببه فإنها تحصل من تمزق كرة الهواء عند نزول الصاعقة .
والباء في{ بالحق} للملابسة ،أي أخذتهم أخذاً ملابساً للحق ،أي لا اعتداء فيه عليهم لأنهم استحقوه بظلمهم .
والغُثاءُ: ما يحمله السيْل من الأعواد اليابسة والورق .والكلام على التشبيه البليغ للهيئة فهو تشبيه حالة بحالة ،أي جعلناهم كالغثاء في البِلى والتكدس في موضع واحد فهلكوا هَلكة واحدة .
وفُرع على حكاية تكذيبهم دعاء عليهم وعلى أمثالهم دعاءَ شتم وتحقير بأن يَبْعَدوا تحقيراً لهم وكراهية ،وليس مستعملاً في حقيقة الدعاء لأن هؤلاء قد بعدوا بالهلاك .وانتصب{ بعداً} على المفعولية المطلقة بدلاً من فعله مثل: تَبّاً وسُحْقاً ،أي أتبَّه الله وأسحقه .
وعكس هذا المعنى قول العرب لا تبعَد ( بفتح العين ) أي لا تفقد .قال مالك بن الريْب:
يقولون لا تبعد وهم يدفنوني *** وأين مكانُ البعد إلا مكانيا
والمراد بالقوم الظالمين الكافرون{ إن الشرك لظلم عظيم}[ لقمان: 13] .واختير هذا الوصف هنا لأن هؤلاء ظلموا أنفسهم بالإشراك وظلموا هوداً لأنه تعمد الكذب على الله إذ قالوا:{ إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً}[ المؤمنون: 38] .
والتعريف في{ الظالمين} للاستغراق فشملهم ،ولذلك تكون الجملة بمنزلة التذييل .
واللام في{ للقوم الظالمين} للتبيين وهي مبيّنة للمقصود بالدعاء زيادة في البيان كما في قولهم: سحقاً لك وتبّاً له ،فإنه لو قيل: فبُعدا ،لعلم أنه دعاء عليه فبزيادة اللام يزيد بيان المدعو عليهم وهي متعلقة بمحذوف مستأنف للبيان .