وجاء الوعيد فعلا. وأخبر- سبحانه- عن ذلك فقال:فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ ... أى:فأهلكناهم إهلاكا تامّا، بالصيحة التي صاحها بهم جبريل- عليه السلام- حيث صاح بهم مع الريح العاتية التي أرسلها الله عليهم فدمروا تدميرا.
وذكر- سبحانه- هنا الصيحة فقط مع أن قوم هود قد أهلكوا بها وبالريح الصرصر العاتية للإشعار بأن إحدى هاتين العقوبتين لو انفردت كافية لإهلاكهم، فقد قال- سبحانه- في شأن الريح التي أرسلها عليهم:تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ.
وقوله بِالْحَقِّ حال من الصيحة، وهو متعلق بمحذوف، والتقدير، فأخذتهم الصيحة حالة كونها بالعدل الذي لا ظلم معه، وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم بتكذيبهم لنبيهم.
وقوله سبحانه-:فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ بيان لمصيرهم الأليم.
والغثاء:الرميم الهامد الذي يحمله السيل من ورق الشجر وغيره، يقال:غثا الوادي يغثو إذا كثر غثاؤه.
أى:فصيرناهم هلكى هامدين كغثاء السيل البالي، الذي اختلط بزبده، فهلاكا وبعدا لهؤلاء القوم الظالمين، كما هلك وبعد من قبلهم قوم نوح- عليه السلام-.
ثم تمضى السورة في استعراضها- على سبيل الإجمال- لقصص بعض الأنبياء، قال- تعالى-: