هذه الجملة استئناف بياني جواباً عما يختلج في نفس رسول الله عليه الصلاة والسلام .وقد تحقق ذلك فيما حل بالمشركين يوم بدر ويوم حنين .فالوعيد المذكور هنا وعيد بعقاب في الدنيا كما يقتضيه قوله:{ فلا تجعلني في القوم الظالمين} .
وذكر في هذا الدعاء لفظ ( رب ) مكرراً تمهيداً للإجابة لأن وصف الربوبية يقتضي الرأفة بالمربوب .
وأدخل بعد حرف الشرط ( ما ) الزائدة للتوكيد فاقترن فعل الشرط بنون التوكيد لزيادة تحقيق ربط الجزاء بالشرط .
ونظيره في تكرير المؤكدات بين الشرط وجوابه قول الأعشى:
إما تَرَيْنا حفاةً لا نعال لنا *** إنا كذلِك ما نحفَى وننتعل
أي فاعلمي حقاً أنا نحفى تارة وننتعل أخرى لأجل ذلك ،أي لأجل إخفاء الخطى لا للأجل وجدان نعل مرة وفقدانها أخرى كحال أهل الخصاصة .
وقد تقدم في قوله{ وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} في آخر الأعراف ( 200 ) .والمعنى: إذا كان ما يوعدون حاصلاً في حياتي فأنا أدعوكم أن لا تجعلوني فيهم حينئذ .
واستعمال حرف الظرفية من قوله:{ في القوم الظالمين} يشير إلى أنه أُمر أن يَسأل الكون في موضع غير موضع المشركين ،وقد تحقق ذلك بالهجرة إلى المدينة فالظرفية هنا حقيقية ،أي بينهم .