( ربّ فلا تجعلني من القوم الظالمين ) هاهنا دعاء بالنجاة من الهلاك ،والانفصال من الظالمين الذين ينتظرهم سوء العذاب ،ولا شكّ أنّ النّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يعمل ما يعرضه للعذاب ،وليس من العدل الإلهي أن يأخذ البريء بالمذنب ،بل لو أنّ رجلا كان يعبد الله في قوم لأنقذه الله سبحانه ممّا يعمّهم به من البلاء .
فهذا الدعاء من الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنّما كان بأمر من الله تعالى ،لهدفين: ليحذّر الكفّار والمشركين من سوء المنقلب الذي يتوجّب أن يُسلّم الرّسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم )نفسه إلى الله جلّ وعلا ويطلب منه النجاة ،والآخر: ليعلّم أصحابه وأتباعه جميعاً التسليم إلى الحقّ ،وألاّ يتصوّروا أنّهم في مأمن من عذابه .
أمّا ماذا يقصد بهذا العذاب ؟
يرى معظم المفسّرين أنّه العقاب الدنيوي الذي ابتلى الله به المشركين ،ومنه الهزيمة المرّة التي ألحقها بهم في معركة بدر{[2732]} ومع التوجّه إلى أنّ سورة «المؤمنون » مكّية نزلت يوم مواجهة المؤمنين لضغوط كبيرة .لهذا كانت هذه الآيات بلسم لجراحهم وتسلية لخواطرهم ( وجاء بهذا المعنى أيضاً في سورة يونس الآية 46 ) .
إلاّ أنّ بعض المفسّرين احتملوا أنّه يشمل العذاب الدنيوي والأخروي معاً{[2733]} .
ويبدو التّفسير الأوّل أقرب لمراد الآية .