هو في الاستئناف كقوله{ أتتركون}[ الشعراء: 146] في قصة ثمود .والإتيان: كناية .والذكران: جمع ذَكر وهو ضد الأنثى .وقوله:{ من العالمين} الأظهر فيه أنه في موضع الحال من الواو في{ أتأتون} .و{ مِن} فَصْلية ،أي تفيد معنى الفصل بين متخالفَين بحيث لا يماثل أحدهما الآخر .فالمعنى: مفصولين من العَالمين لا يماثلكم في ذلك صنف من العالمين .وهذا المعنى جوزه في « الكشاف » ثانياً وهو أوفق بمعنى:{ العالمين} الذي المختار فيه أنه جمع ( عالَم ) بمعنى النوع من المخلوقات كما تقدم في سورة الفاتحة .
وإثبات معنى الفصل لحرف{ مِن} قاله ابن مالك ،ومثَّل بقوله تعالى:{ والله يعلم المفسد من المصلح}[ البقرة: 220] ،وقوله:{ لِيَمِيزَ الله الخبيثَ من الطيب}[ الأنفال: 37] .ونظر فيه ابن هشام في « مغني اللبيب » وهو معنى رشيق متوسط بين معنى الابتداء ومعنى البدلية وليس أحدهما .وقد تقدم بيانه عند قوله تعالى{ والله يعلم المفسد من المصلح} في سورة البقرة ( 220 ) .
والمعنى: أتأتون الذكران مخالفين جميع العالمين من الأنواع التي فيها ذكور وإناث فإنها لا يوجد فيها ما يأتي الذكور .
فهذا تنبيه على أن هذا الفعل الفظيع مخالف للفطرة لا يقع من الحيوان العُجْم فهو عمل ابتدعوه ما فعله غيرهم ،ونحوه قوله تعالى في الآية الأخرى{ إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}[ العنكبوت: 28] .