الانتقال من رسالة إبراهيم إلى قومه إلى رسالة لوط لمناسبة أنه شابه إبراهيم في أن أنجاه الله من عذاب الرجز .والقول في صدر هذه الآية كالقول في آية{ وإبراهيم إذ قال لقومه}[ العنكبوت: 16] المتقدم آنفاً .وتقدم نظيرها في سورة النمل وفي سورة الشعراء .
وما بين الآيات من تفاوت هو تفنن في حكاية القصة للغرض الذي ذكرته في المقدمة السابعة ،إلا قوله هنا{ إنكم لتأتون الفاحشة} فإنه لم يقع له نظير فيما مضى .
وقوم لوط من الكنعانيين وتقدم ذكرهم في سورة الأعراف .
وتوكيد الجملة ب ( إن ) واللام توكيد لتعلق النسبة بالمفعول لا تأكيد للنسبة ،فالمقصود تحقيق أن الذي يفعلونه فاحشة ،أي عمل قبيح بالغ الغاية في القبح ،لأن الفحش بلوغ الغاية في شيء قبيح لأنهم كانوا غير شاعرين بشناعة عملهم وقبحه .
وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم وأبو جعفر{ إنكم لتأتون الفاحشة} بهمزة واحدة على الإخبار المستعمل في التوبيخ .وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ويعقوب وخلف بهمزتين: همزة الاستفهام وهمزة ( إنّ ) .وقرأ الجميع{ أإنكم لتأتون الرجال} بهمزتين .وفي « الكشاف »: قال أبو عبيد: وجدت الأول أي{ إنكم لتأتون الفاحشة} في الإمام بحرف واحد بغير ياء ،أي بغير الياء التي تكتب الهمزة المكسورة على صورتها ورأيت الثاني ( أي{ أينكم لتأتون الرجال} ) بحرفي الياء والنون اهـ .( يعني الياء بعد همزة الاستفهام والنون نون إن ) .ولعله يعني بالإمام مصحف البصرة أو الكوفة فتكون قراءة قرائهما رواية مخالفة لصورة الرسم .