إذا كانت هذه السورة نزلت بسبب سؤال قريش عن لقمان وابنه فهذه الآيات إلى قوله{ ولقد ءاتينا لقمان الحكمة}[ لقمان: 12] بمنزلة مقدمة لبيان أن مرمى القرآن من قصّ القصة ما فيها من علم وحكمة وهدى وأنها مسوقة للمؤمنين لا للذين سألوا عنها فكان سؤالهم نفعاً للمؤمنين .
والإشارة ب{ تِلْكَ} إلى ما سيذكر في هذه السورة ،فالمشار إليه مقدر في الذهن مترقب الذكر على ما تقدم في قوله{ ذلك الكِتَاب} في أول البقرة ( 2 ) وفي أول سورة الشعراء ( 2 ) والنمل ( 1 ) والقصص ( 2 ) .
{ وآيات الكتاب} خبر عن اسم الإشارة .وفي الإشارة تنبيه على تعظيم قدر تلك الآيات بما دل عليه اسم الإشارة من البعد المستعمل في رفعة القدر ،وبما دلت عليه إضافة الآيات إلى الكتاب الموصوف بأنه الحكيم وأنه هدى ورحمة وسبب فلاح .
و{ الحكيم}: وصف للكتاب بمعنى ذي الحكمة ،أي لاشتماله على الحكمة .فوصف{ الكِتَاب} ب{ الحَكِيم} كوصف الرجل بالحكيم ،ولذلك قيل: إن الحكيم استعارة مكنية ،أو بعبارة أرشق تشبيه بليغ بالرجل الحكيم .ويجوز أن يكون الحكيم بمعنى المُحْكَم بصيغة اسم المفعول وصفاً على غير قياس كقولهم: عَسل عقيد ،لأنه أُحكم وأتقن فليس فيه فضول ولا مالا يفيد كمالاً نفسانياً .وفي وصف{ الكِتَاب} بهذا الوصف براعة استهلال للغرض من ذكر حكمة لقمان .وتقدم وصف الكتاب ب{ الحَكِيم} في أول سورة يونس ( 1 ) .