موقع{ إذْ قالَ ربُّكَ للملائِكة} صالح لأن يكون استئنافاً فإذا جعلنا النبأ بمعنى نبأ أهل المحشر الموعود به فيكون{ إذْ قَالَ} متعلقاً بفعل محذوف تقديره: أُذكر ،على أسلوب قوله:{ وإنك لتلقى القرآن من لَدُن حكيم عليم إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً}[ النمل: 6 ،7] ،ونظائِرِه .
فإمّا على جعل النبأ بمعنى نبأ خلق آدم فإن جملة{ إذْ قال ربك} بدل من{ إذْ يختصمون}[ ص: 69] بدلَ بعض من كل لأن مجادلة الملأ الأعلى على كلا التفسيرين المتقدمين غير مقتصرة على قضية قصة إبليس ،فقد روى الترمذي بسنده عن مالك بن يخامر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم"أنه رأى ربه تعالى فقال له: يا محمد فِيمَ يختصم الملأ الأعلى ؟قلت: لا أدري .قالها ثلاثاً .ثم قال بعد الثالثة بعد أن فتح الله عليه ،قلت: في الكفارات .قال: ما هن ؟قلت مشي الأقدام إلى الحسنات والجلوس في المساجد"وذكرَ أشياء من الأعمال الصالحة ( ولم يذكر اختصامهم في قضية خلق آدم ) .وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح وقال عن البخاري: إنه أصح من غيره مما في معناه ولم يخرجه البخاري في « صحيحه » وليس في الحديث أنه تفسير لهذه الآية ،وإنما جعله الترمذي في كتاب « التفسير » لأن ما ذُكر فيه بعضٌ مما يختصم فيه أهل الملأ الأعلى مراد به اختصام خاص هو ما جرى بينهم في قصة خلق آدم والمقاولة بين الله وبين الملائكة .