أي قال الله تعالى تفريعاً ،وهذا التفريع نظير التفريع في قوله:{ فبعزَّتِكَ لأُغوينهم أجمعينَ}[ ص: 82] .
وقوبل تأكيد عزمه الذي دل عليه قولُه{ فبعزتك}[ ص: 82] بتأكيدٍ مثله ،وهو لفظ{ الحقَّ} الدال على أن ما بعده حق ثابت لا يتخلف ،ولم يزد في تأكيد الخبر على لفظ{ الحق} تذكيراً بأن وعد الله تعالى حق لا يحتاج إلى قَسَم عليه ترفعاً من جلال الله عن أن يقابل كلام الشيطان بقَسَم مثله .ولذلك زاد هذا المعنى تقريراً بالجملة المعترضة وهي{ والحقّ أقول} الذي هو بمعنى: لا أقول إلا الحق ،ولا حاجة إلى القَسَم .
وقرأ الجمهور:{ فالحقّ} بالنصب وانتصابه على المفعولية المطلقة بدلاً عن فعل من لفظه محذوففٍ تقديره: أُحقّ ،أي أُوْجب وأحقّق .وأصله التنكير ،فتعريفه باللام تعريف الجنس كالتعريف في: أرسلَها العِراك ،فهو في حكم النكرة وإنما تعريفه حِلية لفظية إشارة إلى ما يعرفه السامع من أن الحق ما هو وتقدم بيانه في أول الفاتحة .
وقرأه عاصم وحمزة بالرفع على أنه لمَّا تعرف باللام غلبت عليه الاسمية فتنوسي كونه نائباً عن الفعل .وهذا الرفع إما على الابتداء ،أي فالحق قولي ،أو فالحق لأملأنّ جهنم الخ ،على أن تكون جملة القَسَم قائمة مقام الخبر ،وإمّا على الخبرية ،أي فقولي الحقّ وتكون جملة{ لأملأنَّ جهنَّمَ} مُفسر القول المحذوف ،ولا خلاف في نصب الحق من قوله:{ والحق أقول .} وتقدم تفصيل ذلك في أول سورة الفاتحة .