وقوله:{ ذلكم بما كنتم تفرحون} تكملة القيل الذي يقال لهم حينَ إِذْ الإِغلالُ في أعناقهم .والإِشارة إلى ما هم فيه من العذاب .و ( مَا ) في الموضعين مصدرية ،أي ذلكم مسبب على فرحكم ومرحكم اللذين كانا لكم في الدنيا ،والأرض: مطلقة على الدنيا .
والفرح: المسرة ورضى الإِنسان على أحواله ،فهو انفعال نفساني .والمرح ما يَظهر على الفارح من الحركات في مشيه ونظره ومعاملته مع الناس وكلامه وتكبره فهو هيئة ظاهرية .
و{ بِغَيْرِ الحَقِّ} يتنازعه كل من{ تفرحون} و{ تمرحون} أي تفرحون بما يسركم من الباطل وتزدهون بالباطل فمن آثار فرحهم بالباطل تطاولُهم على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن المرح بالباطل استهزاؤهم بالرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ،قال تعالى:{ وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين}[ المطففين: 30 ،31] .فالفرح كلما جاء منهياً عنه في القرآن فالمراد به هذا الصنف منه ،كقوله تعالى:{ إذ قال له قومه لا تفرح إن اللَّه لا يحب الفرحين}[ القصص: 76] لا كلُّ فَرح ،فإن الله امتنّ على المؤمنين بالفرح في قوله:{ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر اللَّه}[ الروم: 4 ،5] .وبين{ تفرحون وتمرحون} الجناس المحرَّف .