{ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ} فقد كنتم مستغرقين في الأجواء التي تسجنكم في داخل الغفلة ،فتبعدكم عن الإحساس بالواقع ،وتدخلكم في أوهام الفرح اللاّهي الذي يوهمكم أن الأرض مهتزةٌ بالأنغام والألحان المثيرة للسرور والبهجة ،نتيجة مواقفكم التي توحي إليكم بالانتصار والغلبة والسلطة المطلقة ،في ما يخدع به بعضكم بعضاً ،من كلمات المدح والثناء ،ومواقف الاستكبار والاستعلاء ..
وهذه هي مشكلتكم ومشكلة كثير من الناس الذين غلب الشيطان على عقولهم وزيّن لهم سوء أعمالهم ،وحرّك في داخلهم الأوهام ،ففرحوا بالباطل الذي أعطوه عنوان الحق ،واستسلموا لفرح الدنيا ،ونسوا فرح الآخرة ،بينما كان باستطاعتهم في ساحة الرسالة الحصول على الفرح كله في عمق الفكرة ،وامتداد الحقيقة ،ولذائذ الروح ،فإن الله لم يمنع الإنسان من الفرح ،ولكنه أراد منه أن يبحث عنه في نهايات الأمور لا في بداياتها ،وفي عمق المواقف لا في ظواهرها ،وأن يعيشه من خلال عمل الخير وروح الصلاح وانفتاح العقل والقلب على الله .
وقد جاء في مجمع البيان ،«قيّد الفرح وأطلق المرح ،لأن الفرح قد يكون بحق فيحمد عليه وقد يكون بالباطل فيذم عليه ،والمرح لا يكون إلاّ باطلا »